Sunday, May 3, 2015

خواطر مترجم: مؤتمر منحوس أم ماذا..

مضى على ممارستي لمهنة الترجمة الفورية قرابة عقد من الزمان، وهذه أول مرة أشهد فيها فشل اليوم الأول من مؤتمر بسبب ضعف إدارة الترجمة من جانب المنظمين.  
لن أذكر اسم الحدث حفاظًا على السرية، لكن سأكتفي بذكر تفاصيل ما حدث كي تكون درساً يستفاد ممن يعمل على إدارة هذه الأحداث.
كان هناك أربعة لغات مطلوبة في المؤتمر؛ العربية والإنجليزية والفرنسية والتركية. جهّز العميل أربع كابينات للترجمة اثنتين منها من ماركة بوش، وما تبقى من نوعية أخرى.
تمثلت المشكلة في وجود نظامين مختلفين وبالتالي استحالة ربط الأنظمة معا وبالتالي استحالة عمل relay من مترجم لآخر. وبالتالي وجود نوعين من أجهزة الاستقبال لاستخدام الحضور،إضافة إلى عدم عمل إحدى الكونسولات الداخلية في كل كابينة وعددها اثنين لكل واحدة، وكذلك توزيع المترجمين بطريقة خاطئة بحيث أحضر المنظمون مترجمين للغة التركية : تركي انجليزي وتركي عربي. بهذه الطريقة يحتاج كل مترجم منهما إلى كابينة لوحده،وهذا يعني عمل كل واحد منهما بشكل منفصل وبدون دعم من زميله.
طبعا قمت بالوصول مبكرا، وشاهدت ما يحصل وشرحت للمنظمات الطريقة الصحيحة لترتيب الترجمة وهي بتخصيص 3 كابينات، و 4 قنوات للحضور. طبعا لم تستطع شركة المعدات تلبية هذا الأمر وانتهى الموضوع بفشل ذريع لنظام الترجمة، الأمر الذي دعى القائمين على الحدث إلى تأجيله إلى الساعة الرابعة عصرا، والذي كان من المفترض أن ينتهي الساعة 12 ظهرا.
في هذا الأثناء تم طلب خدمات شركة معدات أخرى والتي استطاعت تركيب معداتها في اللحظة الأخيرة. إلا أن الحظ السيء أصابها كذلك فلم تفلح برمجة الأجهزة في ضبط الأمور ووقعنا في مشكلة حيث تتداخل الأصوات ببعضها وكذلك القنوات..
من المشكلات المحزنة في هذا الحدث هو الترجمة إلى اللغة التركية. حيث أن أحد المترجمات التي تحمل درجة الماجستير في الترجمة، لم يكن لديها خبرة في الترجمة الفورية. أدى هذا إلى تعاملها مع الترجمة على نمط الترجمة التتبعية وهذا نتج عنه أن تأخر باقي المترجمين في الأخذ منها واتجهت أنظار الجميع إلى المترجمين باللوم.
يقع جزء من اللوم على المترجمة التركية التي تبين أنها تعمل كمدرسة للغة الإنجليزية، ولم يسبق لها العمل في هذا النوع من الترجمة. وتبين لاحقا انها من الجزء التركي من قبرص، ويبدو أن هناك فروق بين التركية القبرصية وتلك المتحدث بها في تركيا. بالإضافة إلى جهلها باستخدام لوحة التحكم ونظام relay. أصر العميل على عدم قدوم هذه المترجمة للعمل في اليوم التالي وهذا ما حدث. أما الطرف الآخر الذي تقع عليه المسؤولية فهو المنظم الذي كان من المفترض أن يقوم بالتدقيق على السيرة الذاتية لكل مترجم يستقدمه للعمل.
من المعاضل التي تواجهنا عند تركيب كابينات الترجمة هو تقريبها من الحائط بشكل يجعل الدخول والخروج منها في غاية الصعوبة، بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة في الداخل وعدم عمل المراوح بشكل جيد. كذلك قيام بعض شركات الأجهزة بوضع معداتها في هذه المساحة الضيقة للغاية مما يشكل المزيد من العوائق. وفي بعض الاحيان إلى داخل الكايينة.
أما من ناحية سلوكيات المترجمين فهناك من ينهار تحت الضغوط ويبدأ بالصفع على وجهه، والصراخ، والعصبية الزائدة، وتوجيه الشتائم وعدم اللباقة في التعامل مع الآخرين. لقد اشتكى لي بعض العملاء من تصرفات بعض المترجمين وبعض حالات وصلت إلى ضرب الطاولة الداخلية للكابينة بشدة أدت إلى سكب قارورة الماء على المعدات!! من الأخطاء التي ارتكبتها شخصيا هو إعطاء إرشادات لأحد الفنيين الهنود والذي تبين فيما بعد أنه أحد المدراء في الشركة المنظمة للحدث. يظهر أن الأمر متعلق بالصورة النمطية وبسبب كونه لم يكن يرتدي ملابس تدل على منصبه. طبعاً في اليوم التالي حضر مرتدياً بذلة راقية..
عند حدوث أمور خارجة عن سيطرة المترجم، ينبغي عليه الإلتزام بقواعد السلوك المهني والمحافظة على الهدوء. ينبغي أن تشرح الموقف باقتضاب للمستمعين في حال حدث طارئ أثناء الترجمة، كقولك "نعتذر عن هذا الخطأ الفني، وسنعاود الترجمة بعد اصلاحه".  من المهم أن تقف بصف العميل وان تقدم له كافة أشكال الدعم الممكنة.
امتد المؤتمر إلى الساعة السابعة ليلا، وما كان من المفروض أن ينتهي بساعتين ونصف، أخذ إحدى عشرة ساعة من أوقاتنا !!

0 Comments:

Post a Comment

Add your feedback or comment here:

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home