مهنتنا تأخذك الى أماكن جديدة، تتعرف الى أشخاص لم تعرفهم من قبل. رحلتي اليوم ميدانية مع مجموعة من علماء الاثار الى مواقع أثرية في مدينة العين. التقيت زميلتي المترجمة، حامل في شهرها السادس على مدخل متحف العين الوطني
انطلقت بنا السيارات لاند كروزر ركبت مع مارك الفرنسي وحدثني انه عمل في الأردن في منطقة غور الصافي ومعنا الدكتور رشيد مغربي من جامعة السوربون، وزميله دكتور كريستيان.
مررنا بمركز للتسوق جديد يتم بناؤه وقد حاول علماء الاثار إيقاف بناؤه لتأثيره على موقع اثار جبل حفيت، لكن لم تنجح جهودهم ...
عبرنا باتجاه الشرق نحو منطقة مزيد ودخلنا في الصحراء باتجاه سفح جبل حفيت الى حيث قبور تعود الى العصر البرونزي حسب ما اخبرني الدكتور وليد التكريتي
وكان هذا موقع تنوي هيئة التراث والثقافة إطلاقه كموقع تراثي سياحي. وتبحث في طرق حمايته من التعدي والتخريب. طفق كريستيان يأخذ الصور وعاد ومعه بعض النفايات البلاستيكية كجزء من إسهامه في الحفاظ على نظافة المكان والجمال العام للموقع
وهو السوق قرب منطقة المربعة في وسط المدينة وهذه اول مرة أدرك أهمية الحفاظ على الاسواق القديمة كونها جزء من التراث الإنساني
لم تكن هناك حاجة لخدماتنا الى حين ذاك الوقت وكنت وزميلتي نتسائل عمّا نفعله هنا.
بعد الغداء انتقلنا الى موقع آخر في منطقة القطارة حيث بدأنا العمل في الترجمة التتابعية.
تتمتع زميلتي بذاكرة قوية على عكسي تماماً. لكن كلام المتحدثين كان يطول وكنت استغل اي فرصة توقف للمتحدث كي أترجم ما قال. بالاضافة الى ان طبيعة الحديث كانت عن الموقع وتتشعب الى عدة عناصر كان من الصعب تذكرها بدون مقاطعة متعمدة للمتحدث كي يعطيني الفرصة. تقبل المتحدثين والمستمعين بمرح هذه المقاطعات.
على اي حال، انتقلنا لمكان آخر،فلمحت زميلتي تتحدث مع المنسقة بما يوحي بانتقادلاسلوبي في الترجمة على انها تقطع أفكار المتحدث وذكرت كلمة Chungking بصراحة غضبت، وأكد كلامي تقدم المنسقة مني وطلبت ان تقوم زميلتي بالترجمة. اخرجت المترجمة ورقة وقلم وشرعت تكتب والمتحدث يتكلم لكنه فعل ذلك لمدة طويلة ..ومن ثم بدأت في الترجمة، لاحظت انها أغفلت الكثير مما قيل، وعاكست بعض المعلومات. لم أتدخل وشرع المتحدث يصحح لها. لم تُفلح المترجمة في مكيدتها الصغيرة وانقلب السحر على الساحر فقد تركتها تترجم حتى جف حلقها والى ان طلبت مني ان احل محلها.
اخر المواقع التي زرناها كان حديقة الهيلي والتي تحوي آثار ومدافن تعود الى العصر الحديدي
من الصفات التي لا احبها في هذه الزميلة المترجمة هي اقتراح بعض الكلمات اثناء قيامي بالترجمة وإمام الجميع، ليس لخطأ لكن لانها تعرف كلمة بديلة تظنها أفضل.
احاول في العادة تجاهلها، لكنها حقاً تشعرني بالتوتر الشديد. وأتمنى لو انها تتركني أقوم بعملي بدلا من القيام يدور الناظر. في إحدى المرات أشرت لها بأن تصمت، ولربما كان من الأجدى لو تكلمت معها بشأن ذلك منذ البداية.
لا يعرف معظم الذين يطلبون خدمة الترجمة التتابعية طريقة التعامل مع المترجم، حيث يظنونه آلة تسجيل تلقي بها كل ما تريد قوله فيخرجه لك من الجهة الاخرى مترجما.
لربما كان من الأفضل لو تحدث المترجم مسبقا مع العميل والاتفاق على وقفات معقولة تسمح بتدفق الأفكار والترجمة على حد سواء. وأدرك ان هناك فرق شاسع بين التتابعي والفوري سواء في الاستراتيجيات او الأسلوب. أودّ الإشارة الى انه لم تواجهني مشكلة مع الأجانب حيث تكون أفكارهم مرتبة وهم واعيين لوجود المترجم على عكس العرب. احدى الاستراتيجيات التي اكتشفت انها مفيدة هي الترجمة الفورية لكلام المتحدث في عقلي، ومن ثم يسهل علي تذكره ونقله للمستمعين عند انتهاؤه.
انتهى عملنا في السادسة مساء، وقد كان يوم طويل ومتعب، لكنه ثري بالمعلومات المفيدة وميداني وممتع. التقيت فيه بخبراء متخصصين في علم الاثار منهم ممارسين ومنهم أكاديميين.
No comments:
Post a Comment
Add your feedback or comment here: